ما أشقانا :
ما أشقانا وما أشقى أنفسنا حينما نعيش في ظلام دامس من نسج أيدينا لا
تشرق علينا شمس ولا يحيينا شعاع ولا تلوح لنا في أقاصيه وأطرافه بارقة من
بوارق الأمل أو خيط من خيوط الرجاء فكأننا ندخل دهليز مظلم لا نعلم إلى أين
سيأخذنا و لا نعلم منه مخرج كما علمنا مداخلنا إليه وولوجنا فنظل نتخبط
فيه ونحن لا نعلم إلى أين سيأخذنا ولا إلى أين سيهوي بنا فما أشقانا .
نعم
ذلك ما نحسه عندما تتقاذفنا الهموم وتتعاقب علينا الأحزان وتصبح حياتنا
مجرد نجم غائر خافت الشعاع في كبد السماء , بل تصبح موحشة الجوانب عابسة
الظلام فلا نستطيع أن نقتحم أستيحاشنا ولا أن نلج على أنفسنا في محرابها ,
نتوهم بأننا لسنا سوى أشباح متهافتة على حواشي الحياة أو كأننا صخور صماء
متبلدة لا تحمل قلوباً خافقة تحس بها حينها تخنقنا العبرات غاصة بها
حلوقنا مغرورقة بها مدامعنا نحاول جاهدين أن نكبتها متخيلين بأننا
سنتجاوزها فأذ هي تحرقنا لوعة وأسى وحينها نعلم كم كنا واهمين فما أشقانا .
أن
ظلام النفس أرهب وأشد أنواع الظلام فهو يتركنا في وحدة ووحشة , نعرض عن
جمال الدنيا ومباهجها ونعيمها المباح فلا نستطيع أن ننسج حول أنفسنا خيوطا
من نور حتى وأن كانت واهية موهمة , فنظل رهناء أفكارنا السوداء نفكر كيف
أتينا من الشأطى الآخر إلى شاطى الأحياء وكأننا بذلك الصنيع نرد نور
الإيمان وضوء اليقين المشرقين بان تنفذا إلى أنفسنا دون أن نشعر أو أن ندرك
فما أشقانا .
دمتم برعاية الله
مما راق لي