لعنة
الأدب !
أصبح الأدب في عصرنا الحاضر شبحاً مخيفاً ، يندفع إندفاع السيل الطامي
الذي لا يرقب في كل متلقي له إلاً ولا ذمة ، فلقد تحول الأدب في بعض
اتجاهاته وفنونه إلى معول هدم للعقول ومنارة سوء تهدي إلى الضلال والانحلال
والتمرد على القيم والمبادئ التي نموت ونحيا من أجلها .
إن هناك العديد
ممن يدّعون الأدب ، والأدب برئ منهم يستظلون تحت ذلك المسمى النبيل الطاهر
فاستغلوا ما وهبهم الله من قدرة أدبية في تظليل الناس وجعل على أبصارهم
غشاوة ، فهم يقذفون الرماد على أعين القراء ويعطونهم الإبر المخدرة التي
تجمد الدماء في عروقهم ، وتغير مجرى المصارف الطبيعية لعواطفهم ومشاعرهم
وتهوي بهم إلى الهاوية .
إنهم يمارسون الادب المخادع الذي يريد أن يدّلس
على متلقيه ، حيث أنهم يروجّون بهرجهم تحت راية الادب أو الادب الحديث او
الحداثة في الادب أو الحرية الفكرية !! وما يقدمون إلى متلقيهم سوى السم
الزعاف مغلفاً بالشعار المعلن : (( الأدب ! )) .
فأين الادب من رواية لا
تضم إلا كلّ سلوك منحط بعيد عن الفضيلة والطهر .
أين الأدب من شعرِ
يصور المرأة بشكل قذر ويجعلها عارية الجسد أمام كل قارئ .. ويشرط بقلمه
حجاب المرأة المسلمة ويسعى إلى تمزيقه بل وأن تطأ عليه الأقدام .. كما فًعل
به من قبل .
أين الادب من قصص تافهة خالية الشكل والمضمون بيد أنها
نافذة تطل على اماكن فاسدة وابطال مجرمون منحرفون .
لماذا نطلق على كل
من يستطيع أن يصنع كلاماً جميلاً (( أديب )) ؟
هل لإنه نظم شعراً جميلاً
، أو لإنه كان أديباً والاديب مغفور له كل ذنب ، محتمل منه كل أذى.
يقول
الشيخ (( علي الطنطاوي )) رحمه الله في كتابه صور وخواطر ما نصه :
((
أنا أديب ولكن إن كان هذا هو الادب فاشهدوا عليّ أني طلقت الادب طلاقاً لا
رجعة فيه ، وسامحكم الله بالثلاثين سنة التي أنفقتها من عمري في الكتابة
فيه . إن كان هذا هو الأدب ، فلعنة الله على الأدب . لعنة الله على الشعر
الجميل ، والوصف العبقري ، إذا كان لا يجئ إلا بذهاب الدين والفضيلة
والعفاف . لعنة الله على ( بيرون ) و ( بودلير ) ، وعلى بشار وأبي نواس ،
وعلى من يفسد عليّ ديني ، ويذهب بعرضي ، ويحقر مقدساتي ، ليقول كلاماً
حلواً . وهل تعوض عليّ لذتي بحلاوة الكلام ، الدين الذي فسد ، والعرض الذي
ذهب والمقدسات التي مرغت بالوحل )) .
إننا نعيش أزمة فكرية ومشكلة معضلة
لابد من أخذ الحيطة والحذر منها .
لإن الاجيال القادمة سوف تواجه صراع
جديد من نوع فريد ، سيتألمون من وخز الدبابيس بإقلام الخفافيش .ناهيك عن
صراع الاجيال القائم الآن في وقتنا الراهن . إننا نعيش في زمن الازمات بشتى
جوانبها وتنوع اتجاهاتها ، فلقد كثر الخبث وعم وطم واستفحل الداء واخشى أن
يعجز عنه الدواء .
لقد اختلطت بضاعة الادب حتى اصبحنا لا نميز الخبيث
من الطيب والنافع من الضار وما ذاك إلا لإننا تقبلنا وجود الكثير من الكتب
الفاسدة والروايات الهابطة ، والاقلام المروجّه لهذه البضاعة المنتهية
الصلاحية .
فبالله عليكم ماهو دورنا حيال هذا الخطب الجلل وكيف نواجه
تلك الامواج الهادرة ونحن مازلنا في مراكب التيه ولم نرفع شراع الثبات
والتوازن ؟
كيف نجنب ابناءنا وبناتنا الوقوع في مثل تلك المستنقعات
الادبية ؟
كيف نقوم بتوعيتهم وإرشادهم نحو تمييز الجميل من القبيح
والبعد كل البعد عن الادب المدمر والفن الهابط الخالع ؟
دمتم برعاية الله
منقول بتصرف
الرئيسية 
أحدث الصور 
التسجيل 
دخول 
الأحد يوليو 11, 2010 3:30 pm